السعودية تصنع مستقبل الألعاب الإلكترونية استثمارات بمليارات الدولارات ورؤية عالمية رائدة
تخطو المملكة العربية السعودية خطوات واسعة نحو ترسيخ مكانتها كمركز عالمي في مجال الألعاب والرياضات الإلكترونية، مدفوعةً برؤية استراتيجية طموحة، واستثمارات ضخمة، وبنية تحتية متطورة وفلم تعد الألعاب الإلكترونية في المملكة مجرد وسيلة ترفيه، بل أصبحت ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الرقمي الجديد.
سوق واعد وإيرادات متوقعة بمليارات الدولارات
بحسب تقرير شركة “برايس ووتر هاوس”، من المتوقع أن تصل إيرادات قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية في السعودية إلى نحو 13.3 مليار دولار بحلول عام 2030، وهو ما يرسخ هذا القطاع كأحد المحركات الرئيسة للتنويع الاقتصادي ضمن رؤية السعودية 2030.
وقد ضخت المملكة استثمارات تزيد على 38 مليار دولار في هذا المجال، ما يعكس التزامها بتحقيق ريادة إقليمية وعالمية.
الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية
أُطلقت الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية في عام 2022، بهدف تحويل المملكة إلى مركز عالمي في هذه الصناعة وتطمح إلى توفير أكثر من 39 ألف وظيفة محلية بحلول عام 2030، تغطي مجالات متعددة من تطوير الألعاب، إلى تنظيم البطولات والفعاليات.
مواهب شابة وبنية تحتية متقدمة
يمثل الشباب السعودي القلب النابض لهذا التحول، حيث يُشكل من هم دون سن الـ35 نحو 89% من السكان وتُتيح لهم الرياضات الإلكترونية فرصًا واسعة لتطوير المهارات الرقمية والتقنية، ما يعزز جاهزيتهم لسوق العمل المستقبلي.
وقد بدأت المملكة بالفعل في بناء مجمعات متخصصة في الألعاب، أبرزها في مشروع نيوم، حيث يُنشأ أول مركز شامل للألعاب في المنطقة يضم أحدث استوديوهات التطوير، ومرافق التقاط الحركة، ومناطق حضانة.
نماذج نجاح سعودية تبرز عالميًا
حقق اللاعبون السعوديون إنجازات لافتة على الساحة الدولية، أبرزهم مساعد الدوسري، بطل كأس العالم لكرة القدم الإلكترونية ومؤسس فريق “فالكونز”، وكذلك فريق Rocket League السعودي بقيادة محمد العتيبي، وصالح عبد الله، ويزيد عبد الله، الذي فاز بمنافسات عالمية.
وتُعزز هذه الإنجازات مكانة السعودية كأرض خصبة للمواهب الرقمية، وتدعم جهود تطوير الأكاديميات والبطولات الوطنية.
الرياضات الإلكترونية عالميًا: نماذج ملهمة
بينما تقود دول مثل الصين، اليابان، والولايات المتحدة سوق الألعاب العالمية، فإن التجربة السعودية تتميز بدمج الابتكار والتقاليد وقد اعترفت الصين بالرياضات الإلكترونية كمهنة رسمية منذ عام 2019، وتضم جامعاتها العشرات من التخصصات المرتبطة بها.
أما اليابان، فتركز على جمالية التصميم وسرد القصص، مما جعلها وجهة لمطوري الألعاب من مختلف أنحاء العالم وفيما منحت الولايات المتحدة اللاعبين المحترفين تأشيرات رياضية رسمية، وأدخلت الرياضات الإلكترونية في مؤسساتها التعليمية والجيش.
رؤية شاملة لمستقبل مستدام
تُدرك المملكة أهمية الاستدامة في قطاع الألعاب، حيث يشير تقرير “برايس ووتر هاوس” إلى ضرورة إشراك المجتمعات المحلية، ورعاية المواهب، واستحداث مصادر دخل مبتكرة تخدم الاقتصاد المحلي.
وتدعو التوصيات إلى دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي يمكن أن تتحول إلى شركات ناشئة ناجحة إذا توفر لها التمويل والتدريب الكافي.
منظومة متكاملة تقودها التقنية
تسعى المملكة إلى بناء نظام ألعاب إلكترونية متكامل وقابل للتصدير ومع استضافتها المرتقبة لكأس العالم لكرة القدم عام 2034، ودورة الألعاب الأولمبية للرياضات الإلكترونية عام 2025، تتهيأ المملكة لقيادة القطاع على مستوى العالم.
وتفتح هذه الأحداث الباب أمام دمج الألعاب مع السياحة والترفيه والضيافة، من خلال مقاهي الألعاب، ومناطق الفعاليات التفاعلية، والمرافق الثقافية التي تقدم مزيجًا من التراث والتقنية.
الهدف: 250 شركة ألعاب بحلول 2030
ضمن أهدافها الطموحة، تسعى المملكة إلى إنشاء 250 شركة ألعاب إلكترونية محلية بحلول عام 2030، وهو ما يعكس رغبتها في الانتقال من سوق مستهلك إلى سوق مُنتج ومصدّر للألعاب.
وتدعم هذه الخطوة شراكات المملكة مع كبار المطورين العالميين، لتطوير محتوى محلي بجودة عالمية يُلبّي تطلعات اللاعبين حول العالم.
تؤمن المملكة بأن الألعاب الإلكترونية ليست فقط وسيلة للترفيه، بل منصة للتعلم، والتعاون، والابتكار ومع تزايد الحاجة إلى إعادة تأهيل القوى العاملة رقميًا، تلعب هذه الصناعة دورًا حيويًا في تمكين الشباب السعودي واكتسابهم مهارات المستقبل.
ووفقًا لتقرير “مستقبل الوظائف 2023” الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن نحو 50% من القوى العاملة عالميًا ستحتاج إلى إعادة تأهيل في التقنيات الحديثة بحلول 2025، ما يجعل الألعاب الإلكترونية أداة استراتيجية لصناعة جيل رقمي واعد.